اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا شرح حديث الدين النصيحة عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المسلمين عامتهم) ، [١] وهذا الحديث من جوامع كلم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو كما قال الإمام النووي: "حديثٌ عظيم الشأنِ، وعليه مدار الإسلام". [٢] تعريف النصيحة النّصْحُ في لغة العرب: الخُلوص، والنقاء، ومنه النصيحة: وهي كلمة جامعة معناها إرادة الخير للمنصوح له، ولا يوجد كلمة في لغة العرب تدلّ على هذا المعنى بتمامه إلّا النصيحة، فهي من وجيز الأسماء، ومختصر الكلام. [٣] حكم النصيحة بيَّن الإمام ابن بطّال في شرحه على صحيح البخاري أنَّ النصيحة فرض كفاية؛ أي إنَّه إذا قام به البعض سقط التكليف عن الباقين، ويُشترط في أداء النصيحة؛ أن يعلم الناصح أنَّ المنصوح يقبل منه النصيحة، وأنْ يأمن الناصح نفسه من المكروه فإنْ خاف ذلك، فلا حرج عليه في ترك النصيحة. [٤] أنواع النصيحة بيّن الحديث الشريف أنّ النصيحة خمسة أنواع وهي: النصيحة لله -جلّ وعلا-.
والنَّصيحةُ لكِتابِه سُبحانَه وتَعالَى تَكونُ بالإيمانِ بأنَّه كَلامُ اللهِ تَعالَى، مع شِدَّةِ حُبِّه، وتَعظيمِ قَدرِه، وتِلاوَتِه حَقَّ تِلاوتِه، والذَّبِّ عن تَأويلِ المُحَرِّفين له، والتَّصديقِ بما فيه، والِاعتِبارِ بمَواعِظِه، والتَّفَكُّرِ في عَجائبِه، والعَمَلِ بمُحكَمِه، والتَّسليمِ لمُتَشابِهه، ونَشرِ عُلومِه، والدُّعاءِ إليه. والنَّصيحةُ للرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تكونُ باتِّباعِه وتَصديقِه في كلِّ ما جاء به، وتَنفيدِ أوامرِه، والانتهاءِ عمَّا نَهى عنه، ومُراعاةِ هَديِه وسُنَّتِه، ومُعاداةِ مَن عاداه، ومُوالاةِ مَن والاه، وإعظامِ حَقِّه، وتَوقيرِه، وبَثِّ دَعوَتِه، ونَشرِ شَريعَتِه، ونَفيِ التُّهمةِ عنها. والنَّصيحةُ لأئمَّةِ المسلمين تكونُ بمُعاونتِهم على الحَقِّ، وطاعتِهم في المَعروفِ، وتَنبيهِهم وتَذكيرِهم برِفقٍ ولُطفٍ بأنسبِ الطُّرقِ على ما غَفَلوا عنه، مع إعانتِهم في إصلاحِ النَّاس، وعدَمِ الخروجِ، إلَّا أن يُرَى مِنهم كُفرٌ بواحٌ عِندنا فيه منَ اللهِ تَعالَى بُرهانٌ، وهذا مَشروطٌ بالقُدرةِ وعَدمِ حُصولِ مَفسدةٍ أكبَرَ. وقد يَشمَلُ المرادُ بأئمَّةِ المُسلمين: عُلَماءُ الدِّينِ، فمِن نَصيحَتِهم: قَبولُ ما رَوَوهُ، وإحسانُ الظَّنِّ بهم.
حق الإمام على الرعية عن أبي رقية تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الدين النصيحة» قلنا: لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم». شرح الحديث: جاء الدين الحنيف بإخلاص النصيحة وبذلها، وبأن نؤمن ونعترف بوحدانية الله -عز وجل-، وننزهه عن النقائص ونصفه بصفات الكمال، وأن القرآن كلامه منزل غير مخلوق، نعمل بمحكمه ونؤمن بمتشابهه، ونصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- بما جاء به ونمتثل أمره ونجتنب ما نهى عنه، وننصح لأئمة المسلمين بمعاونتهم على الحق وإرشادهم إلى ما جهلوه ونذكرهم ما نسوه أو غفلوا عنه، ونرشد عامة المسلمين إلى الحق، ونكف عنهم الأذى منا ومن غيرنا على حسب الاستطاعة، ونأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر، والجامع للنصح لهم: أن نحب لهم ما يحب كل منا لنفسه. معاني الكلمات: الدين دين الإسلام، أي عماد الدين وقوامه النصيحة. النصيحة تصفية النفس من الغش للمنصوح له وبذل التوجيه المفيد له. لله بالإيمان به ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، وتنزيهه عن جميع النقائص، والرغبة في محابه بفعل طاعته، والرهبة من مساخطه بترك معصيته، والاجتهاد في رد العصاة إليه.
قال الشاعر: تعمَّدني بنُصْحك في انفرادي وجنِّبي النصيحةَ في الجماعهْ فإن النصحَ بين الناسِ نوعٌ من التوبيخِ لا أرضى استماعهْ [1] النصح له معنيان: 1 - الخلوص من الشوائب والشركة، فيُقال: عسل ناصح. 2 - التئام شيئين بحيث لا يكون ثَمَّ تنافر بينهما.