رواه ابن جرير ، عن ابن بشار ، عن ابن مهدي. وبه قال مجاهد ، وعكرمة ، ونص عليه أحمد بن حنبل في كتاب " الرد على الجهمية ". وقال مجاهد: هذه الآية كقوله: ( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) [ السجدة: 5]. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا عارم محمد بن الفضل حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن عتيق ، عن محمد بن سيرين ، عن رجل من أهل الكتاب أسلم قال: إن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام ، ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) وجعل أجل الدنيا ستة أيام ، وجعل الساعة في اليوم السابع ، ( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) ، فقد مضت الستة الأيام ، وأنتم في اليوم السابع. فمثل ذلك كمثل الحامل إذا دخلت شهرها ، في أية لحظة ولدت كان تماما.
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا (8) يقول تعالى ذكره: سَيَجْعَلُ اللَّهُ للمقلّ من المال المقدور عليه رزقه بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا يقول: من بعد شدّة رخاء، ومن بعد ضيق سعة، ومن بعد فقر غنى. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا بعد الشدة الرخاء. وقوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ) يقول تعالى ذكره: وكأين من أهل قرية طغوا عن أمر ربهم وخالفوه، وعن أمر رسل ربهم، فتمادوا في طغيانهم وعتّوهم، ولجوا في كفرهم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط عن السدي، في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ) قال: غَيَّرت وَعَصَت. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) قال: العتو هاهنا الكفر والمعصية، عتُوّا: كفرًا، وعتت عن أمر ربها: تركته ولم تقبله.
والقصر الذي شيده أهله فبنوه ورفعوه في السماء وجصصوه، ودهنوه وزينوه، إذا بهم يؤخذون منه، ويورثه الله عز وجل لغيرهم أو يتركه خالياً لا أحد فيه، والذي يسير في الأرض ينظر كثيراً من آيات الله عز وجل في ذلك، وما أكثر ما يقال: اكتشفنا آثاراً، اكتشفنا قرية للقدماء المصريين موجودة تحت الرمال، اكتشفنا قرى، وهذه القرى بناها أهلها ليخلدوا، وزعموا أنهم يخلدون، وزعموا أنهم يرجعون إليها، وبعضهم كان يعمل له القبر ويحبس بجانبه جمله، بحيث إن الجمل يموت بجوار القبر، فعندما يرجع مرة أخرى يلقى الجمل ليركب عليه، فلا رجعوا ولا رجعت جمالهم، وإنما يرجعون إلى الله سبحانه تبارك وتعالى ليحاسبهم بأعمالهم. وكم من الناس ينظرون هذه الآيات ولا يعتبرون، بل ينبهرون بهذه الآثار، وينسون أن الله أخذهم أخذ عزيز مقتدر؛ لأنهم كانوا كفاراً ولم يكونوا مؤمنين، وبعض الناس يفتخر بأجداده الفراعنة، ويزعم أنهم أهل حضارة، من الحضر، فالحضر: المدن، وعكسها البوادي، ولا يعتبر أن حضارتهم ذهبت، وذهبت حصونهم، وتهدمت الديار فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ [الحج:45] المصدرـ تسجيلات الشبكة الإسلامية:
{قدْ أحْسن الله لهُ رِزْقا} الجملة حال ثانية وقد روعي لفظ (من) و {قد} حرف تحقيق و {أحسن الله} فعل وفاعل و {له} متعلقان بأحسن و {رزقا} مفعول به. {الله الّذِي خلق سبْع سماواتٍ ومِن الْأرْضِ مِثْلهُنّ} {الله} مبتدأ و {الذي} خبره وجملة {خلق} صلة و {سبع سموات} مفعول {ومن الأرض} حال و {مثلهنّ} معطوف على {سبع سموات} أو منصوب بفعل مقدّر بعد الواو أي وخلق مثلهنّ من الأرض وقرئ {مثلهنّ} بالرفع على أنه مبتدأ مؤخر والجار والمجرور قبله خبر مقدم. {يتنزّلُ الْأمْرُ بيْنهُنّ لِتعْلمُوا أنّ الله على كُلِّ شيْءٍ قدِيرٌ} الجملة مستأنفة و {يتنزل الأمر} فعل وفاعل أي الوحي و {بينهنّ متعلقان} بـ: {يتنزل} واللام لام التعليل و {تعلموا} فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والواو فاعل واللام ومجرورها متعلقان بـ: {يتنزل} أيضا وإن وما في حيّزها سدّت مسدّ مفعولي {تعلموا}. {وأنّ الله قدْ أحاط بِكُلِّ شيْءٍ عِلْما} الواو عاطفة وأن واسمها وجملة {قد أحاط} خبرها و {بكل شيء} متعلقان بـ: {أحاط} و {علما} تمييز محوّل عن الفاعل.. البلاغة: 1- في قوله: {وكأين من قرية عتت عن أمر ربها} مجاز مرسل علاقته المحلية، من إطلاق المحل وإرادة الحال وقد تقدمت له نظائر كثيرة.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (١٣) ﴾ يقول تعالى ذكره: وكم يا محمد من قرية هي أشد قوة من قريتك، يقول أهلها أشدّ بأسا، وأكثر جمعا، وأعدّ عديدا من أهل قريتك، وهي مكة، وأخرج الخبر عن القرية، والمراد به أهلها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ⁕ حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ﴾ قال: هي مكة. ⁕ حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ﴾ قال: قريته مكة.
وقيل: إنهم كانوا قومًا خالفوا أمر ربهم في الطلاق، فتوعد الله بالخبر عنهم هذه الأمة أن يفعل بهم فعله بهم إن خالفوا أمره في ذلك. * ذكر من قال ذلك:حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت عمر بن سليمان يقول في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ) قال: قرية عذّبت في الطلاق. وقوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) يقول: فحاسبناها على نعمتنا عندها وشكرها حسابًا شديدًا، يقول: حسابًا استقصينا فيه عليهم، لم نعف لهم فيه عن شيء، ولم نتجاوز فيه عنهم. كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) قال: لم نعف عنها الحساب الشديد الذي ليس فيه من العفو شيء. حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) يقول: لم نرحم. وقوله: ( وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) يقول: وعذبناها عذابًا عظيمًا منكرًا، وذلك عذاب جهنم.
وقيل: إنهم كانوا قومًا خالفوا أمر ربهم في الطلاق، فتوعد الله بالخبر عنهم هذه الأمة أن يفعل بهم فعله بهم إن خالفوا أمره في ذلك. * ذكر من قال ذلك: حدثني ابن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سمعت عمر بن سليمان يقول في قوله: ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ) قال: قرية عذّبت في الطلاق. وقوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) يقول: فحاسبناها على نعمتنا عندها وشكرها حسابًا شديدًا، يقول: حسابًا استقصينا فيه عليهم، لم نعف لهم فيه عن شيء، ولم نتجاوز فيه عنهم. كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، قوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) قال: لم نعف عنها الحساب الشديد الذي ليس فيه من العفو شيء. حدثني عليّ، قال: ثنا أَبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله: ( فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا) يقول: لم نرحم. وقوله: ( وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا) يقول: وعذبناها عذابًا عظيمًا منكرًا، وذلك عذاب جهنم.
لفظهما ماض ومعناهما الاستقبال. وقيل: في الآية تقديم وتأخير مجازها: فعذبناها في الدنيا بالجوع والقحط والسيف وسائر البلايا وحاسبناها في الآخرة حسابا شديدا. ﴿ تفسير الوسيط ﴾ وكلمة كَأَيِّنْ اسم لعدد كثير منهم، يفسره ما بعده، فهي بمعنى «كم» الخبرية التي تفيد التكثير، وهي مبتدأ، وقوله مِنْ قَرْيَةٍ تمييز لها. وجملة عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها خبر للمبتدأ. والعتو: الخروج عن الطاعة، يقال: عتا فلان يعتو عتوا وعتيا. إذا تجبر وطغى وتجاوز الحدود في الاستكبار والعناد. والمراد بالقرية: أهلها، على سبيل المجاز المرسل، من إطلاق المحل وإرادة الحال، فهو كقوله- تعالى-: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها. والقرينة على أن المراد بالقرية أهلها، قوله- تعالى- بعد ذلك: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً.... والمراد بالمحاسبة في قوله فَحاسَبْناها... المجازاة والمعاقبة الدنيوية على أعمالهم، بدليل قوله- تعالى- عن العذاب الأخروى بعد ذلك أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً.... ويجوز أن يراد بالمحاسبة هنا: العذاب الأخروى، وجيء بلفظ الماضي على سبيل التأكيد وتحقق الوقوع، كما في قوله- تعالى-: وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ.... ويكون قوله- سبحانه-: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً... تكريرا للوعيد.
ولفظ (القرية) ورد في القرآن الكريم على عدة معان، نسوقها على النحو التالي: (القرية) ويراد بها مجتمع الناس في أي موضع، من ذلك قوله تعالى: { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة} (الإسراء:58)، قال مجاهد: كل قرية في الأرض سيصيبها بعض هذا. ومن هذا القبيل قوله سبحانه: { وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها} (الحج:48). (القرية) ويراد بها (مكة المكرمة)، من ذلك قوله تعالى: { وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة} (النحل:112). ونحو هذا قوله سبحانه: { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك} (محمد:3). وقوله تعالى: { الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها} (النساء:75)، فالمراد بـ { القرية} في هذه الآيات ونحوها مكة المكرمة. (القرية) ويراد بها (مكة والطائف)، من ذلك قوله تعالى: { وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} (الزخرف:31)، فقد قال المشركون بالله من قريش لما جاءهم القرآن من عند الله: هذا سحر، فإن كان حقاً، فهلا نزل على رجل عظيم من إحدى هاتين القريتين مكة أو الطائف. وليس في القرآن لفظ (القرية) على هذا المعنى غير هذه الآية. (القرية) ويراد بها (أنطاكية)، وذلك قوله تعالى: { واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون} (يس:13)، روى الطبري عن قتادة ، قال: ذُكر لنا أن عيسى ابن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى أنطاكية -مدينة بالروم، لعلها اليوم في تركيا- فكذبوهما.