وهذا من أوضح الأدلة على عدّ فقهائنا أن الإثراء على حساب الغير بلا سبب مشروع يعدّ موجباً للالتزام والضمان. ومثل ذلك: لو اشترى شخصان شيئاً، فغاب أحدهما، فإن للحاضر أن يدفع كل الثمن، ويتسلم المبيع، ولا يكون متبرعاً بما أدى عن ذمة شريكه من الثمن لأنه مضطر إلى الدفع، ليتمكن من قبض المبيع والانتفاع بنصيبه منه، فيحبس المبيع عن شريكه حتى يدفع إليه نصيبه من الثمن. فلو عدّ الحاضر الدافع متبرعاً لكان الغائب مثرياً على حساب غيره بلا سبب مشروع، وهو ممنوع. لكن الفقه الإسلامي يقيد حق رجوع المفتقر على المثري بألا يكون المفتقر فضولياً في عمله، بل يشترط أن يكون: 1- إما مضطراً إلى الأداء عن المثري، كحاجة صاحب الرهن المستعار إلى فكاكه، وحاجة الشريك إلى الإنفاق على العقار المشترك غير القابل للقسمة صيانة لماله عند امتناع شريكه عن النفقة الضرورية. 2- وإما أن يكون نائباً عن المثري في الأداء، أو مأموراً من قبله، كالشخص الذي يكلفه آخر الإنفاق على ماله أو على عياله، أو وفاء دينه. 3- وإما أن يكون عرف الناس يسوغ له أن ينفق ما أنفق عن غيره بلا إذنه في حالات معيّنة، فيكون مأذوناً عرفاً، كرفيق تُوفِّي في الطريق حال السفر، فأنفق عليه رفاقه لتجهيزه ودفنه وجمع أمواله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الطعن رقم ( 583) ، لسنة القضائية رقم ( 35) ، بتاريخ جلسة: ( 1970/03/17):- الحكم بفسخ عقد المقاولة ينبنى عليه انحلاله و اعتباره كأن لم يكن ، ولا يكون رجوع المقاول - الذى أخل بإلتزامه - بقيمة ما استحدثه من أعمال إلا استنادا إلى مبدأ الإثراء بلا سبب لا إلى العقد الذى فسخ و أصبح لا يصلح أساساً لتقدير هذه القيمة.